
مصر باقية كــ بقاء النيل إلى يوم الدين
كتب _ عادل الظنط
على ضفاف النيل الخالد، تتجلى حقيقة لا تقبل الجدل: مصر ليست مجرد دولة، بل هي حضارة متجذرة في أعماق التاريخ، وروح شعب ارتبط مصيره بنهر عظيم منحها الحياة والخلود. "مصر باقية كــ بقاء النيل إلى يوم الدين" ليست مجرد عبارة شعرية، بل هي حقيقة تاريخية وجغرافية، تستمد قوتها من العلاقة الأبدية بين الأرض والنهر.
منذ آلاف السنين، والنيل يروي أرض مصر، فيحولها من صحراء قاحلة إلى جنة خضراء. فبفضله، قامت حضارة الفراعنة العظيمة، التي علمت العالم الزراعة، والهندسة، والفلك. بفضل النيل، نشأت المدن، وازدهرت التجارة،
وتراكمت الخبرات التي نقلت مصر من عصر إلى آخر. هذا النهر لم يكن مجرد مصدر للماء، بل كان شريان الحياة الذي يضخ القوة والصمود في شرايين الأمة.
إن صمود مصر لا يقتصر على عظمة ماضيها، بل يتجلى في قدرتها على التكيف والصمود في وجه التحديات على مر العصور. فمصر، مثل النيل، واجهت الفيضانات والجفاف، والغزاة والمحن، ولكنها ظلت قائمة، شامخة، لا تلين. فكما يتجدد النيل كل عام بفيضانه، تتجدد مصر بقدرتها على النهوض من الكبوات، واستعادة قوتها، والمضي قدمًا.
في كل بقعة من أرضها، تجد أثرًا لهذه العلاقة الأبدية. في القرى الريفية، يتجلى كرم أهلها وبساطتهم، المستمدة من خيرات النيل. وفي المدن الكبرى، تجد حيوية وصخبًا يعكسان تدفق الحياة بلا انقطاع. النيل ليس مجرد نهر مادي، بل هو نهر روحي، يجري في عقول ووجدان المصريين، ويعمق شعورهم بالانتماء والفخر.
إن مقولة "مصر باقية" لا تعني أنها بلا تحديات، بل تعني أن لديها القدرة على مواجهة تلك التحديات والتغلب عليها. فكما أن النيل يواجه تحديات المناخ والبيئة، فإن مصر تواجه تحديات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ولكن، بفضل عزيمة شعبها، الذي استلهم الصبر من فيضان النيل، والإصرار من جريانه الدائم، ستبقى مصر شامخة، تروي للأجيال القادمة حكايات صمودها وبقائها، مثلما يروي النيل حكاياته للأرض التي يرويها.
وفي الختام، فإن ارتباط مصر بالنيل هو ارتباط أزلي، يضمن لها البقاء والخلود. فما دام النيل يجري، فإن مصر ستظل حية، تنبض بالحياة، وتتجدد. فلتستمر رحلة هذا النهر العظيم، وليستمر بقاء هذا البلد العظيم، إلى يوم الدين.



اترك تعليقك اذا كان لديك رساله بخصوص هذا الموضوع